“وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي” – هذه الآية الكريمة من سورة يس تطرح سؤالاً وجودياً عميقاً يدعو الإنسان إلى التأمل في حقيقة عبادته للخالق عز وجل. فما الذي يمنع الإنسان من عبادة من خلقه ورزقه وسواه فعدلاً؟ هذا السؤال ليس استفهاماً فحسب، بل هو تذكير بحقيقة غابت عن كثيرين في زحام الحياة.

لماذا نعبد الله؟

العبادة في الإسلام ليست مجرد طقوس جوفاء، بل هي غاية الوجود الإنساني. يقول تعالى: “وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ”. فحين يعبد الإنسان ربه، فإنه يحقق الغاية من خلقه، ويعترف بفضله ومنته عليه. فالله هو الذي فطرنا على الفطرة السليمة، وجعل فينا من النعم ما لا يُعد ولا يُحصى، فكيف لا نعبده؟

العبادة: شكرٌ وحبٌ وخضوع

العبادة ليست خضوعاً قسرياً، بل هي خضوعٌ عن حبّ وشكر. فالإنسان الذي يتأمل في نعم الله عليه، من صحة وعقل ورزق وأمن، يجد نفسه مدفوعاً بحبّ فطري إلى عبادة من أنعم عليه بهذه النعم. والعبادة هنا تتجاوز الصلاة والصيام إلى كل عمل صالح يقرب العبد من ربه.

التحديات التي تصرف عن العبادة

في عصرنا هذا، تكثر المغريات والشواغل التي قد تصرف الإنسان عن عبادة ربه. المال، الشهرة، الملذات الدنيوية – كلها قد تشغل القلب عن ذكر الله. لكن الآية “وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي” تذكرنا بأنه لا عذر لنا في ترك العبادة، لأن الله هو الذي خلقنا وهو الذي يرزقنا.

العبادة طريق السكينة

من أعظم ثمار العبادة أنها تمنح القلب سكينة لا يجدها في أي شيء آخر. فحين يكون العبد قريباً من ربه، يشعر بالطمأنينة والرضا، حتى في أصعب الظروف. العبادة هي الملجأ الحقيقي من هموم الدنيا، وهي التي تعيد للإنسان توازنه الروحي.

الخاتمة: دعوة إلى التأمل

“وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي” – هذا السؤال يجب أن يكون حاضراً في ذهن كل مسلم. فهو ليس مجرد آية نقرأها، بل هو دعوة إلى مراجعة النفس، وإلى إعادة ترتيب الأولويات. فالله الذي خلقنا ورزقنا هو أحق بالعبادة والطاعة. فلنحرص على أن تكون عبادتنا خالصة لوجهه الكريم، ولنجعلها سبيلنا إلى رضاه وجنته.

“وَمَالِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي” – هذه الآية الكريمة من سورة يس تطرح سؤالاً وجودياً عميقاً يدعو الإنسان إلى التأمل في حقيقة عبوديته للخالق عز وجل. فما الذي يمنع الإنسان من عبادة من أوجده من العدم؟ وما الحكمة من العبادة التي هي غاية الخلق؟

معنى الآية وتفسيرها

تأتي هذه الآية في سياق حوار بين المؤمن الذي يدعو قومه إلى الإيمان بالله وبين المشركين الذين يعاندون. فالمؤمن يتساءل باستنكار: “وما لي لا أعبد الذي فطرني” أي ما العذر الذي يمنعني من عبادة خالقي الذي أنشأني وأوجدني من عدم؟

وقد ذكر المفسرون أن هذه العبارة تحمل في طياتها دليلاً عقلياً واضحاً على وجوب العبادة، فالفطرة السليمة تقتضي أن يعبد الإنسان من أوجده ورزقه وسخر له ما في السماوات والأرض.

العبادة: حكمة الوجود

العبادة في الإسلام ليست مجرد طقوس شكلية، بل هي شاملة لكل جوانب الحياة. كما قال تعالى: “وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون”. فالعبادة تشمل:

  1. العبادات التعبدية مثل الصلاة والصيام والحج
  2. العبادات التعاملية مثل الأخلاق والمعاملات
  3. العبادات الفكرية مثل التفكر في خلق الله

لماذا نعبد الله؟

  1. حق الخالق على المخلوق: فمن أنعم علينا بالنعم الكثيرة يستحق الشكر والعبادة
  2. مصلحة العبد نفسه: فالعبادة تطهر النفس وترقيها
  3. استجابة الفطرة: فكل مولود يولد على الفطرة

عوائق العبادة

مع وضوح هذه الحقائق، نجد كثيراً من الناس يعرضون عن عبادة الله، وذلك بسبب:

  • الغفلة عن حقيقة الوجود
  • اتباع الهوى والشهوات
  • التقليد الأعمى للمجتمع

الخاتمة

“وَمَالِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي” دعوة لكل عاقل ليتفكر في نعم الله عليه، وليستجيب لنداء الفطرة الذي يهتف في أعماقه بأن لا إله إلا الله. فالعبادة هي شكر النعم، وهي طريق السعادة في الدنيا والآخرة.

فليكن شعار كل منا: “رب أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك”، ولنحرص على أن تكون حياتنا كلها لله، كما أراد منا خالقنا ورازقنا.