ومالي لا أعبد الذي فطرني
“وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي” – هذه الكلمات العظيمة التي وردت في سورة يس تحمل في طياتها معاني عميقة عن حقيقة العبودية لله تعالى. إنها دعوة صادقة للتأمل في نعم الله علينا، وسبب وجودنا في هذه الحياة. فلماذا لا نعبد من خلقنا ورزقنا وأوجدنا من العدم؟
معنى الآية الكريمة
تأتي هذه الآية في سياق قصة الرجل المؤمن الذي جاء من أقصى المدينة ليدعو قومه إلى الإيمان بالله. لقد ضرب لنا هذا الرجل الصالح مثلاً رائعاً في الثبات على الحق، رغم كل التحديات والتهديدات. فسألهم بلسان الحكمة والمنطق: “وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ”.
إنها استفهام إنكاري، فكيف لا يعبد الإنسان ربه وهو الذي خلقه من عدم، وأعطاه نعمة الوجود والحياة؟ كيف ينصرف عن عبادة الله إلى عبادة أصنام لا تضر ولا تنفع؟
الدروس المستفادة
-
التفكر في خلق الله: تدعونا الآية إلى التأمل في عظمة الخالق وقدرته. فالله هو الذي فطرنا وأوجدنا، وجعل لنا السمع والأبصار والأفئدة.
-
حقيقة العبودية: العبادة ليست مجرد طقوس، بل هي خضوع كامل لله في كل جوانب الحياة. فالإنسان خُلق ليعبد الله ويعمر الأرض وفق شرعه.
-
الثبات على الحق: مثلما ثبت ذلك الرجل المؤمن على إيمانه رغم الإيذاء، يجب على المسلم اليوم أن يثبت على دينه في زمن الفتن.
-
الاستدلال بالمنطق: الآية تذكرنا بأهمية استخدام الحكمة والمنطق في الدعوة إلى الله، كما فعل ذلك المؤمن حين استخدم حجة الخلق والفطرة.
الخاتمة
“وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي” ليست مجرد كلمات، بل هي منهج حياة. إنها تذكير دائم بحق الله علينا، وبأن العبودية له هي غاية وجودنا. فلنكن مثل ذلك المؤمن الذي فضل رضا الله على رضا الناس، واختار طريق الحق رغم كل التحديات.
فيا من تقرأ هذه السطور، اسأل نفسك: ما الذي يمنعك من عبادة الذي خلقك ورزقك؟ أليس هو الأحق بالعبادة والطاعة؟ فليكن شعارنا جميعاً: “وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ”.
في خضم الحياة المليئة بالمشاغل والانشغالات، كثيرًا ما ننسى الغاية الأساسية من وجودنا على هذه الأرض. يقول الله تعالى في محكم تنزيله: “وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ” (يس: 22). هذه الآية العظيمة تذكرنا بحقيقة عظيمة، وهي أن العبادة هي الهدف الأسمى للإنسان، وأن تجاهل هذا الهدف يعني ضياعًا في متاهات الدنيا.
لماذا العبادة؟
العبادة ليست مجرد طقوس تؤدى، بل هي علاقة روحية بين العبد وربه، تعكس الخضوع الكامل لله تعالى. فالله هو الذي خلقنا ورزقنا وأعطانا نعمة الوجود، فكيف لا نعبده؟ العبادة تشمل الصلاة، والصيام، والزكاة، والحج، وكذلك الأخلاق الحسنة، والإحسان إلى الخلق، وكل عمل صالح يقربنا إلى الله.
التحديات التي تواجه العبادة
في عصرنا الحالي، نواجه العديد من التحديات التي قد تصرفنا عن العبادة، مثل الانشغال بالعمل، أو متابعة وسائل التواصل الاجتماعي، أو الانغماس في الملذات الدنيوية. لكن يجب أن نتذكر دائمًا أن الدنيا فانية، وأن الآخرة هي دار القرار. لذلك، علينا أن نحرص على تخصيص وقت للعبادة، وأن نربي أنفسنا وأبناءنا على حب الطاعة والعبادة.
فوائد العبادة
- الطمأنينة النفسية: العبادة تمنح القلب سكينة لا يوفرها أي شيء آخر.
- القرب من الله: كلما زاد العبد من عبادته، زاد قربه من ربه.
- النجاة في الآخرة: العبادة هي طريق الجنة ورضوان الله.
- صلاح المجتمع: عندما يعبد الناس ربهم حق العبادة، يعم الخير والسلام في المجتمع.
الخاتمة
في النهاية، علينا أن نستحضر دائمًا معنى الآية الكريمة: “وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي”، وأن نجعل العبادة محور حياتنا. فلنحرص على أن نكون عبادًا شاكرين، ولنستخدم وقتنا فيما يرضي الله، حتى ننال الفوز في الدنيا والآخرة.
“وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ” (الحجر: 99).
هذا المقال يهدف إلى تذكيرنا بأهمية العبادة في حياتنا، وكيف أنها يجب أن تكون أولوية فوق كل شيء. فلنعمل على تقوية صلتنا بالله، ولنجعل العبادة نورًا يهدينا في ظلمات الحياة.